Translate

lundi 30 janvier 2012

زمزم

إن المصري المؤمن ذو دعابة إذا عرفته و ذو كرم إذا زرته في بيته، ولكن إذا كان وحده بعيدا عن تأثير الجماعة. غير أنه امرؤ فيه عصبية إن لم نقل أن في تركيبته النفسية شيء غير سوي. أقول هذا دون تجريح، لأن الهدف هو تقييم وضع و تقويمه إن أمكن. إن المصري يحسب نفسه دائما الأحسن عند العرب. فدولته و لهجته و ثقافته و مسرحه و فنانوه و أكله و رياضته و نطقه للُغات و حتى كبشه (أفضل من كبش أولاد جلال، نعم) أحسن ما خلق الله. يبدو لي الوضع مَرَضيا لأنه لا يرتكز على واقع، و صاحبه يعيش في إيطوبيا بنتها له سياسات إعلامية تقودها سياسات عامة. و قد قال أحدهم لي:"لقد علمونا أن مصر هي أم الدنيا...". فسياستهم الوطنية تصبو إلى بناء شخصية مصرية فذة و إن كانت دون علاقة مع الواقع. فعلى سبيل المثال إذا لاحظتم على الشاشات المصرية تقدم حصص عديدة مع الأطفال، الغريب فيها أنه لا يظهر فيها إلا الطفل الأشقر ذو العين الزرقاء (غالبا)، وكأنما مصر صارت رومية. لم لا وقد انضمت إلى الفرانكفونية لشغفهم باللغة الفرنسية، في حين رفضت الجزائر ذلك. وهلم جرا. و بالتالي حينما يلقى شخص مثل هذا من هو خير منه أو يحسبه كذلك، يحتدم الصراع و تظهر البغضاء و الشحناء. و ذاك هو حالنا مع المصريين.
إن هذا الوضع طال عليه الأمد و صار نتنا لا يطاق. إذا أحل الله الطلاق بين الزوجين، فلماذا ينبغي أن نصبر نحن على تكبر و حقد من يكرهنا و يتولى أعداءه و أعداءنا؟ أعتقد أنه من الحكمة أن ننفصل مؤقتا لدراسة الوضع بهدوء و برودة أعصاب، فإن انقشع الضباب انقلبنا إلى أحسن حال. إذ أمامنا مهام كثيرة تنتظر. إن ترجمة ما سلف أن تقوم السلطات الجزائرية بخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي حيث لا يبقى بمصر إلا قائم بالعمال و معينه، لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة. وهكذا نؤمن أنفسنا من ضغط الدم و السكري...
نتفرغ بعد ذلك لفتح ملفات الشركات المصرية التي أتى أصحابها بقليل المال ليرجعوا بكثيره، والتي تشتري مصانعنا بالقليل و قد تبيعها لمن ليسوا لذلك أهلا؛ كأن الجزائري أبله يخدعه صاحب "الفهلوة" ...
إن المشكل بين البلدين لا يكمن في مباراة كرة قدم و إنما هو أعمق. خراج (دمل) يجب فقؤه بمواقف شجاعة. نحن بأسنا بيننا شديد و نتلاشى أمام الآخرين بحكم الدبلوماسية. صحيح أن دبلوماسيتنا ذات أخلاق، لكن يجب أن ترجع إلى الواقع: لا يعقل أن يسب شخص ضابطا منا و يكسر آلات تحت أعين الكل دون حراك منا، و أبناؤنا يعتدى عليهم ثم يتهمون رسميا بالكسر والاعتداء على الغير، و يقبل وزيرانا التعامل مع من هو أقل منهم رتبة؛ أين كان نداهما؟ إََن هذا الأمر يفهم من طرفنا على أنه ضعف تنجم عنه حالة إحباط." أينما كنت فدولتك معك" هي ذي العبارة التي أود أن أرى على جواز سفري.
ثم بعد ذلك، في مرحلة الانفصال نعرف الآخر بتاريخنا و مواقفنا عبر التاريخ، فإن رجع إلى جادة الطريق و أعطانا حقنا من الاحترام فنعما هي و إلا بقينا على حالنا.
البداية تكون بالمصارحة فلا كذب ولا نفاق ولا تدليس لحقائق تاريخية. تدعي مصر أنها أم الدنيا و الحضارة و أنها حررتنا و علمتنا و أنها تطعمنا حتى.
الردُ هو ما يلي:
إن الشعب المصري عبر العصور كان دوما يحكمه الغريب، كالهكسوس و الأمازيغ (يقال لفترة تقارب القرنين) و الإغريق الذين بنوا الإسكندرية المسماة على اسم الإسكندر الأكبر ثم كانت حاضرة حكم بطليموس، و الفاطميين أهل كتامة من الجزائر (و تونس) الذين بنوا القاهرة و الجامع الأزهر،و الأيوبيون الأكراد والعبيد من المماليك، و الترك و الإنجليز. أمَا ما شاع عن حضارة الفراعنة (من غير الهكسوس و الأمازيغ) من أهرامات و ما يتبعها، فأمره لم يقض فيه بعد، بدليل آخر النظريات المستنبطة من القرآن، ترجعها إلى عاد. ربما هي لثمود الذين جابوا الصخر بالوادى. لقد قال أحدهم: إن كانت الأهرامات قبورا، فأين هي المنازل و القصور؟ عدا الأهرامات لا يذكر التاريخ وجودا لمصر إلا من خلال الأجانب الذين ذكرناهم.
أمَا بالنسبة لأكذوبة التحرير فأمرها كالتالي. من الطبيعي في تلك الفترة من التاريخ أن تستقطب مصر الطلبة العرب، و قد كانت الجزائر بعد الاستقلال قبلة أحرار العالم كله، لكن كيف نفسر رفضها لعب مقابلة كرة القدم مع فريق FLN ـ حيث كانت المقابلة شكلا من الاعتراف بالحكومة الجزائريةـ إلا بأنها لا تريد حريتنا أو أنها جبنت أو أنها تقف مع مصالحها فقط كما فعلت مع العراق و غزة. و نذكر بمقولة جمال عبد الناصر التي أعادها على مسامعنا المسنون و هي: " الجزائر تكفيكم و تكفينا". .إنني أعتقد أن مصر عملت ما يكفي لتستطيع أن تحمي مصالحها بعد الاستقلال و حسب. إن السلاح الذي تحصلنا عليه كان يأتينا من الدول الشرقية. و يقول في هذا الصدد الذين عاشوا المرحلة أن مصر كانت تأخذ حصتها من السلاح كضريبة. لست ادري في الواقع ما كانت الترتيبات على أعلى المستويات، لكن لا أعتقد أن مصريا واحدا كان بجانب خالي و زوج عمتي و ابن عم والدي في الخطوط الأولى في مظاهرات ماي 1945. أو ربما حينما قابل أبي الموت لأكثر من 25 مرة كانت آخرها على يد OAS. أو مع عمي عندما علق من يديه لمدة طويلة، تركت آثار إعاقة عليه. أو مع ابن عم أبي الآخر الذي قتله La Gaillarde و يحمل أحد شوارع بلكور اسمه اليوم. أو مع واحدة من بنات عمومة والدي ـالتي يعرفونها جيداـ حين عذبت. أو مع والد زوجتي الذي عذب و سنه 16 سنة. كلا و ألف كلا. أما إذا كانت إذاعتنا ما يقصدون، فنقول من الجزائر بثت إذاعة فلسطين. لقد شهد مؤخرامسؤول فلسطيني على المباشر أن الجزائر هي البلد الوحيد الذي لا يدفع فيه الفلسطيني مقابل بقائه فيه (على جميع الأصعدة).
بالنسبة للتعليم قال من عاش التجربة أن المصريين بعثوا لنا بكل من هب و دب لكسب المال و كان منهم الإسكافي (حسب قولهم) لأن مصر كانت إذاك من أفقر الدول. كانت المعلمة تجلس على الكرسي و تقضم الأرضي شوكي(القرنون). فليعلموا أن من إخواننا من تعلم العلوم على أيديهم كان مستواه متدنيا عكس الذين درسوا عن الفرنصيص و الجزائريين. إن السوريين كانوا أحسن نطقا منهم على كل حال. و يذكر بعض الناس أن بعض السفهاء كان يضحك على لباس المصريين أثناء وجودهم عندنا. طبعا هذا مرفوض لكن يعطينا مؤشرات على تاريخ من يتكبر على العرب كلهم. للكل معالم يجب أن يعرفها و ينتهي عندها.
لنختم، نذكر الاستثمار المصري في الجزائر الذي تكلم غنه مسؤولونا الذين لم يكونوا عند الموعد، أنه بمستوى 5 ملايير دولار (لمؤسسات تبني بنايات تسقط في مصر..واذكروا إن شئتم الأوراسي) في نفس مستوى استثمار ربراب المرتقب (حسب الجرائد). كيف لي أن أفرح ب5 ملاييردولار ولدي 200 مليار دولار. المؤسسات تأتي دون تكنولوجيا و تقريبا دون مال...
في الجانب الآخر يجب أن يعرفوا ما هي الجزائر، و أدعو الله أن يقينا شر عصبية الجاهلية. إن الجزائر هي ارض شيشنق قاهر فرعون و أرض كتامة الفاطميين و صنهاجة المرابطين و زواوة و أخريات هن قبائل تُبع اليمن غازي الهند و الصين. هي نو ميديا المقاتلين الذين ولدوا على صهوة الحصان والذين لا يهزمون (كما قال مؤرخو الغرب) و الذين غزوا مع هاني بعل. و حتى تحت حكم روما أعطت الجزائر علماء و حكاما لروما. الجزائر هي طارق بن زياد و دولة أكبر أسطول في البحر الأبيض المتوسط لقرون، الدولة الأولى التي اعترفت بالجمهورية الفرنسية و الولايات المتحدة. إنها أرض السنوسية و جوهرة التوحيد و الألفية و الآجرومية و ابن خلدون و آخرون لا يعرفونهم و يدرسون متونهم في الأزهر. أما هم فالشافعي ليس منهم ولا نفيسة العلم و لا العز بن عبد السلام و لا ابن الهيثم.
إنها الدولة التي وقفت مع مصر بخيرة رجالها المظليين الذين استشهدوا هناك في 67 و لم تذكرهم لأبنائها و لا للعالم. أما حرب 73 فحدث ولا حرج، ألا يعلمون بقصة الشيك على بياض لبومدين و شاحنات فولفو الجديدة للوقود التي لم نستردها قط، و سلاح الجو الذي دخل مباشرة في المعركة، و سلاح الدفاع الجوي الذي كان من مهامه حماية القاهرة، و الخمسين دبابا الذين استشهدوا دفاعا عنها حتى بعث رئيسهم بالمدد، و معركة أديبة التي أبكت شارون، و اعتراف العدو بقدرات المقاتل الجزائري و شراسته. ثم يأتي من مصر من يقول لي:" لقد علمنا أنكم لم تفعلوا شيئا". كيف و ما زلت أذكر ابن عمي عمر الخباز (بالمدنية) الذي شارك في القتال. و لا داعي في هذا الصدد أن أتحدث عمَا وقع لرجالنا مع الشعب المصري و قد جاؤوا لحمايته و عرضه. إن حرب 73 اندلعت لاسترجاع أرض يسمون ناسها بعرب سيناء، و لم تكن لتحرير فلسطين.
إنهم يكرهون كل ما هو جزائري (والعرب عموما). فعالمهم و عالمنا القرضاوي غضبوا عليه لأن زوجته و مديرة أعماله جزائرية. انظر كيف أكرمنا العالم الغزالي حين أذلوه و أنقذنا بطلهم الشاذلي من بطشهم. كل هذه الشواهد تظهر أننا نحن أصحاب اليد العليا و مع ذلك كنا نحب المصريين ظنا منا أنهم يحبون الله و رسوله، لكن سقطت الأقنعة.
ر.عنو

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire